المفكر العربي جورج قرم المعرض الدولي 15 للكتاب
 
 

المفكر العربي جورج قرم


المفكر العربي جورج قرم








أإذا لم تتعربوا في الجزائر فستجدون أنفسكم أمام طبقية لغوية
يعدّ الدكتور جورج قرم المفكر والخبير الاقتصادي اللبناني، من المفكرين العرب القلائل الذين قدّموا العديد من الدراسات في تحليل الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العربية، وھو باعتباره اختصاصيا في شؤون الشرق الأوسط
ودول حوض البحر الأبيض المتوسط يعرف معرفة جيدة الكثير من الرھانات والتحديات التي تعرفھا المنطقة، وله رأيه في شروط الإقلاع العربي الذي لا يتردد الدكتور جورج قرم في ربطه بضرورة بناء نظام معرفي عربي.

يتواجد الدكتور جورج قرم بالجزائر بدعوة من منظمي الطبعة 15 من صالون الجزائر الدولي للكتاب، ويشارك بمحاضرة تحمل
عنوان "خلفيات التفرقة والوھن لدى العرب في العالم المعاصر" يتناول فيھا معطيات أزمة الوجود العربي المتواصلة. في ھذا لحوار مع "الشروق" يقدم الدكتور جورج إضاءات حول ھذا الموضوع، ومسائل أخرى ذات علاقة بما يعيشه العرب من تخلف على مستويات عدة.

تتناول المحاضرة التي تُشاركون بھا في صالون الجزائر الدولي للكتاب موضوع الوضع المتردّي الذي يعيشه العرب، وتتحدثون عن "خلفيات التفرقة والوھن" لدى العرب في العالم المعاصر. ما ھي الخلاصة التي يمكن أن تقدّموھا لقراء لشروق لتكون لھم منارة يھتدون بھا في تحليل أسباب العجز العربي؟

خلاصة المحاضرة يُمكن أن نُجملھا في ضرورة بناء نظام معرفي عربي يجمع العرب بدل أن يُفرّقھم. عندنا نحن العرب أنظمة أھم ما يميّزھا ھو تناقضھا في نظرتھا إلى العالم والوجود. كذلك فإنّ الفكر العربي ممزق بين تيارات فكرية وسياسية تأتينا من الخارج، وھي أصوليات متأثرة بأنواع من الفلسفات الغربية، وبأنماط فكرية غربية حديثة. وھذه المرجعيات مبنية على خلفيات غربية ومشكلات الغرب، وليس على ما يميّز تاريخنا العربي الإسلامي.

لماذا لم تتمكن كلّ المحاولات التي قام بھا العرب في العصر الحديث من تجسير الفجوة الحضارية بينھم وبين الغرب.. وماھي أسباب لعنة التخلف التي ما تزال تلاحقنا كما لو أنّھا كانت لعنة أبدية؟

كلّ المحاولات الفكرية التي قام بھا العرب لم تسد الفراغ بسبب القطائع الفكرية التي حصلت. والعرب انقطعوا عن النھضة وشروطھا لصالح أفكار مبسطة، وكأنّھم كانوا على مرّ تاريخھم الحديث يُحاولون الھروب إلى الأمام من مشاكل مستعصية.

ھل ينطبق ھذا الكلام على عصر النھضة، وھل كانت ھذه الحقبة للدھشة والذھول مما حقّقه الغرب؟

لانبھار بالغرب خلال ھذه الحقبة كان انبھارا نقديا، وليس انبھارا أعمى، وإذا عدنا إلى بدايات القرن التاسع عشر، نجد أنّ الاندھاش غلب على الانبھار بسبب أنّ العرب كانوا يبحثون في أسرار التطور الغربي، وكانوا انتقائيين وليس مثلما صوّرھملغرب والتجربة التي خاضھا رفاعة رافع الطھطاوي أحسن دليل على ذلك.

إلى من يُحمّل الدكتور جورج قرم المسؤولية في تردّي الوضع العربي الراھن.. إلى المثقف أم إلى السلطة في العالم العربي؟

أنا في إحدى دراساتي السابقة حمّلت المسؤولية إلى المثقفين وإلى القطاع الخاص العربي. لأنّنا اليوم خرجنا من عھد سيطرة الدولة على الاقتصاد، والقطاع الخاص أصبح له نفوذ كبير، حيث ھناك مجموعات من رجال الأعمال لھا إمكانات مادية ضخمة وعلاقات مع السلط العربية. ولھذا فأنا أرى أنّ المسؤولية مشتركة بين المثقفين والقطاع الخاص العربي.

ھناك من يرى أنّ غياب الديمقراطية في العالم العربي ھو السبب وراء غياب التنمية؟

ھذه المقولة لسوء الحظ غير مطابقة للواقع التاريخي. والملاحظ أنّه حتى فلسفة الأنوار ظھرت في واقع استبدادي. ولنأخذ ألمانيافي القرن التاسع عشر كمثال عندما نجح بسمارك في إعطاء الحماية الاجتماعية للألمان، بعدما كانت الكنيسة ھي التي تساعد الفقراء اجتماعيا. انظر أيضا إلى النھضة اليابانية في القرن التاسع عشر التي تحققت ولم تكن ھناك ديمقراطية.

فكرة ربط الديمقراطية بالتنمية ھي فكرة أمريكية أوروبية جديدة. أنا أرى أنّ الديمقراطية تأتي نتيجة مسار تنموي ينتقل من سلطوي إلى منفتح، وأنا أفرق بين الحرية والديمقراطية لأنّه من الممكن أن تكون ھناك ديمقراطيات شكلية. والمھم ھو الحرية وبخاصة حرية الانتقاد وحرية الفكر التي توظف ليس لھدم الحياة السياسية، وإنما لبناء منظومة معرفية متكاملة.

ما رأي الدكتور جورج في الذين يرون أنّ الإسلام ھو الحل لتحقيق الإقلاع التنموي المطلوب؟

ھذه الدعوة تنطوي على فكرة العدل التي ھي مركزية في الإسلام مثلما ھي قضية مركزية في المسيحية أيضا. ومن يدعون إلى ذلك إنما يطالبون بالعدالة. لكن يجب أن نلاحظ أنّ ھناك تيارات جيوسياسية تستعمل ھذا الشعار لأغراض معينة، وقد استعمل من قبل لمواجھة الشيوعية.

وعندما نرفع شعار "الإسلام ھو الحل" يجب أن تعلم أنّ ھناك ھويات مختلفة داخل العرب أنفسھم فھناك المستعربون والأمازيغ وغيرھم. نحن مجتمع تعددي غني، وعندما نقول نحن مسلمون نلغي ذلك الغنى، ثم إنّ مسألة الھوية متجددة باستمرار.

ما قصة والدكم مع رفضه القاطع لتوجھكم نحو الموسيقى كتكوين، ولماذا وقف في وجھكم مع أنّه موسيقي محترف ومن الوجوه اللبنانية البارزة في ھذا المجال؟

بيت القرم بيت عريق ومليء بالفن والأدب، فجدي داود كان أول عربي ذھب إلى إيطاليا سنة 1874 لتعلم الرسم التشكيلي، وما زلت أحتفظ برسالته التي بعث بھا إلى أھله يصف فيھا دھشته مما رآه في شوارع نابولي، كما يصف أيضا في ھذه الرسالة ، دھشة الإيطاليين من سرواله الريفي اللبناني. ثم أخذ والدي الموھبة من والده وذھب إلى باريس لدراسة الرسم سنة 1919
ونشرت مؤخرا مجموعة الرسائل التي أرسلھا إلى عائلته يصف فيھا من جھته المجتمع الباريسي. ثم ھناك عمي شارل قرم كان من كبار الأدباء الناطقين باللغة الفرنسية وله ديوان "الجبل الملھم". والدي ساھم في تأسيس معھد الموسيقى في لبنان. معركتي كانت مع الوالد لأنه كان يرى أنّ الفن لا يضمن لقمة العيش وكان معه الحق، وكان مع وظيفة تؤمّن الاستقلال المادي. لقد كنت عزف على البيانو مع إدوارد سعيد.

في الجزائر نعيش التھميش والانتقاء باللغة.. والنخب الجزائرية تعيش قطيعة مرجعية وليس لغوية فحسب؟

الانفصام اللغوي موجود في كل الأقطار العربية، وسببه لدى النخب العربية يعود لأنھا تتلقى تعليمھا في الخارج، وفي الداخل تتعلم حسب مناھج غربية، وحتى في بيئة الأعمال العربية، حتى تثبت أنّك جدير بھذه المنزلة لابد أن تقحم كلمات فرنسية أو إنجليزية. أنا أعيد ھذه المشكلة إلى المنظومة المعرفية العربية، وأعيب على جامعاتنا اعتمادھا التدريس باللغات الأجنيبة، انظر إلى اليابانيين أو الصينيين، وإلى لغاتھم الصعبة والمليئة بالرموز، ومع ذلك فھم يعتمدون عليھا في التدريس. يجب أن ننفتح على الثقافات الأخرى لإغناء الثقافة الوطنية بالتفاعل مع الخارج وليس بالغزو الثقافي. أنتم في الجزائر إذا لم تتعربوا فستجدون أنفسكم أمام طبقية لغوية.


ميلود بن عمار
لشروق

 
 
 
 
إستقبال
تـــقديـــــم
المشاركون
البرنامج
النظام الداخلي
الإستمارات
دليل المشاركين
تكريمات
معرض الصحافة
ضيف الشرف
صـور
للاتصال بنا
 


 
© 2010 SILA Tous Droits réservés - Développé par bsa Développement